كارثة صحية صامتة.. الأوبئة تفتك بسكان حضرموت اليمنية

كارثة صحية صامتة.. الأوبئة تفتك بسكان حضرموت اليمنية
انهيار الخدمات الصحية باليمن - أرشيف

في بلد أنهكته الحرب والصراعات السياسية والاقتصادية، تتفاقم الأزمات الصحية بصمت، وسط تراجع خطير في قدرة النظام الصحي على المواجهة. 

ويشهد اليمن، وتحديدًا محافظة حضرموت– الساحل، تصاعدًا مقلقًا في تفشي الأوبئة، مثل حمى الضنك والحصبة والكوليرا، في ظل ضعف حملات مكافحة النواقل، وتردي البنية التحتية الصحية، وغياب التوعية المجتمعية، إلى جانب تداعيات التغيرات المناخية التي باتت تُعيد رسم خريطة الأوبئة في البلاد.

وكشفت إحصاءات حديثة صدرت عن دائرة الترصد الوبائي التابعة لمكتب الصحة العامة والسكان في ساحل حضرموت، عن تسجيل أكثر من 800 إصابة مشتبه بها بهذه الأمراض منذ بداية عام 2025، منها إصابات مؤكدة ووفيات، ما يثير القلق حول مستقبل الوضع الوبائي في المنطقة، ويجعل من التدخل العاجل أمرًا حتميًا.

بيئة مثالية للنواقل

تصدّرت حمى الضنك قائمة الأمراض من حيث عدد الحالات المشتبه بها، بإجمالي 359 حالة، منها 138 حالة في مدينة المكلا وحدها، و96 حالة في بروم ميفع، ثم حجر، وغيل باوزير، وأرياف المكلا.

ورغم العدد الكبير من الحالات، لم تسجل إلا خمس إصابات مؤكدة وفقًا للفحوصات المختبرية، في حين يُخشى أن يكون العدد الحقيقي أكبر بسبب نقص أدوات التشخيص.

ينتشر البعوض الناقل في بيئات ملوثة ومهجورة، ما يزيد من صعوبة السيطرة على المرض، خاصة مع ضعف برامج الرش ومكافحة الحشرات في ظل نقص الموارد.

تحذير من فجوة تحصين

سُجلت 358 حالة اشتباه بالحصبة، مع تأكيد 28 إصابة مخبريًا، ووقوع أربع وفيات، جميعها ناتجة عن مضاعفات المرض، توزعت في المكلا والديس الشرقية.

وتكشف الأرقام أن 67% من المصابين غير مطعّمين، ما يشير إلى خلل كبير في حملات التحصين الروتينية أو الطارئة، وغياب التغطية الشاملة للأطفال، لا سيما في المناطق النائية والمحرومة.

تمثل الحصبة خطرًا خاصًا على الأطفال دون سن الخامسة، خاصة في ظل انتشار سوء التغذية، وتدني الوعي بأهمية اللقاحات.

ضعف المياه والصرف الصحي

بلغت حالات الاشتباه بالكوليرا 121 حالة، تركز أكثر من نصفها في مديرية حجر (58 حالة)، تلتها بروم ميفع والمكلا. ورغم تسجيل 3 إصابات مؤكدة فقط، فإن وجود المرض في بيئة تعاني من سوء النظافة وانهيار البنية التحتية الصحية والمائية يمثل قنبلة صحية موقوتة.

وفي بعض المناطق، مثل حجر وغيل باوزير، يتزامن انتشار الكوليرا مع ضعف الوصول إلى المياه النقية، وغياب التوعية بكيفية التعامل مع الحالات المشتبه بها، ما يزيد من احتمالات الانتشار.

ورغم تسجيل نسبة تعافٍ بلغت 99.4% من الحالات المشتبه بها، فإن دائرة الترصد شددت على أن هذه الأرقام قد لا تعكس الصورة الحقيقية بسبب نقص الفحوصات الدقيقة، وضعف آليات الترصد الميداني.

وحذّرت السلطات الصحية من أن استمرار غياب الدعم قد يؤدي إلى تفشي أوسع للأوبئة، لا سيما مع دخول فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة، وهو ما يهيئ الظروف لتكاثر النواقل.

مناشدة للمنظمات الدولية

دعا مسؤولو الصحة في حضرموت المنظمات الدولية والمحلية إلى تكثيف جهودها العاجلة في مجالات الدعم اللوجستي والدوائي، وتعزيز برامج التحصين الشاملة، إضافة إلى إطلاق حملات توعية ميدانية للمجتمع، خاصة في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية والمحرومة من الخدمات.

وشددوا على ضرورة إعادة تأهيل البنية التحتية للمرافق الصحية، ودعم فرق الترصد الوبائي والمخبرية بالمعدات اللازمة لمواكبة تفشي الأوبئة.

وبين أوبئة متعددة، وتدهور مستمر في القطاع الصحي، ومجتمع يفتقر إلى التوعية، تواجه حضرموت نموذجًا مصغرًا لما يمكن أن تكون عليه الكارثة الصحية في اليمن بأكمله إذا لم يتم التحرك العاجل. 

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية